28 مايو 2011

«نساء المتعة» لمنيرة سوار.. أن تغلق الباب على أسئلتك

خالد الرويعي/ جريدة الوقت
تتجه الكاتبة البحرينية منيرة سوار في إصدارها الروائي الأول إلى تخوم القضايا الأكثر تعقيداً في المجتمع، فإن كان هذا الإصدار يناقش سلوكاً معيناً، إلا أنه أيضاً يناقش الأفكار وما تترتب عليه من أفعال. فرواية «نساء المتعة» لا تقف عند حدود العنوان فقط، بل يأخذك إلى دهاليز أربع شخصيات نسائية تعرضهن سوار باختلاف طرقهن إلى العيش.
في الغلاف الأخير للرواية تضع منيرة مقتطفاً من أجواء الرواية، لكن هذا المقتطف كفيل بأن يضع القارئ أمام محنة السؤال، تقول منيرة «لماذا نضطر لقلب صفحة الخطأ؟ لنعاود المسير في صفحة جديدة.. بدلاً من أن نكتفي بتصحيح مسارنا من دون أن نتبرأ ونخجل من نقطة اختلال توازننا في فترة ما من رحلتنا».
«نساء المتعة» وإن بدا العنوان مثيراً.. ويأخذ القارئ إلى ما هو أبعد من ذلك إلا أنه يطوف بمسميات عدة، حيث يعتبر زواج المتعة من أكثر صيغ الزواج تعقيداً، الرواية لا تتخذ مواقف مسبقة، إلا أنها تثير الملابسات بشأن هذا النوع من الزواج وغيره، تقول منيرة «ليس زواج المتعة وحده، بل الموضوع المثير في هذا الشأن هو المسميات المخجلة لعدد من صيغ الزواج، فمسميات مثل ''المسفار'' أو ''فرندز'' أو حتى تغليب مصلحة الحاجة على شرعية الإشهار في الزواج.. هو بالضبط ما تناقشه الرواية... الأصل في مسألة الزواج هو الإشهار».
ولعل منيرة في روايتها تتطرق إلى إشكالات المسميات المتعددة للزواج باعتبارها نقيصة في حق المرأة «في علاقة الزواج بين دلال وعادل أشرت إلى ذلك.. فدلال تقترح عليه الزواج بأية طريقة».
أخبر عادل يومها دلال بالحديث الذي دار بينه وبين أحمد بعد تردد طويل، مخافة أن يجرح مشاعرها، ولدهشته.. لم تهتم!.. بل فاجأته باقتراح لم يخطر على باله يوماً.
لقد طلبت منه استئجار شقة لهما.. تحتضن حبهما «بالحلال» بعيداً عن الأعين.
تنازعته - إثر اقتراحها - مشاعر مختلطة متأرجحة بين صدمة وخوف وقلق وفرحة خفية ورغبة متأججة، فعلاً قائلاً:
ولكنك تعرفين بأنني متزوج؟!
لم أطلب منك أن أكون زوجة ثانية أمام الناس، تشترط عليك العدل بينها وبين ضرتها! يكفيني أن نكون لبعضنا «بالحلال»؟
ماذا تعنين بالضبط، وضحي كلامك؟
لن أفرض عليك شيئاً، للزواج الحلال طرق كثيرة، فاختر منها ما يناسبك.
لكن منيرة لا تخفي مشاعرها تجاه ما يحدث من مساوئ من جراء هذه الزيجات وتأثيرها على المجتمع «لأنه ببساطة خارج نطاق الرقابة» هكذا تصفه سوار، وتضيف «أي زواج خارج حدود الإشهار يبقى محفوفاً بالمخاطر من جميع الجوانب، فإذا كان الزواج سراً والطلاق سراً.. فأين هي حقوق المجتمع.. وأقصد هنا بالمجتمع الأطفال وعلاقتهم الشرعية وبالآباء.. أين هي حدود الرقابة المجتمعية إذا كانت مسألة الزواج محصورة في شخصين بالسر».
وتؤكد منيرة أن «مسألة الزواج الشرعي ليست حاجة جنسية فقط، بل هي تأكيد على مفاهيم المودة والرحمة وتنشئة المجتمع.. لقد تطرقت إلى ذلك من خلال علاقة لمياء وصادق وطفلهما المرتقب».
تعتبر رواية «نساء المتعة» الإصدار الأدبي الأول لمنيرة سوار الذي سبق لها أن قامت بترجمة كتاب «المربية المثالية» للكاتبة جو فروست «كيف تحصلين على الأفضل من أطفالك؟»، أما عن روايتها فتقول منيرة «في البداية لم يكن الشكل الأدبي يفرض نفسه على كتابتي رغم تعلقي الشديد بفن الرواية.. كنت أكتب فقط.. حتى وجدت نفسي أمام مشروع روائي، في الرواية أجد نفسي بخلاف القصة القصيرة التي عادة ما تكثف الحالات والشخوص، فتحليل الشخصية ودوافعها والتعمق في دواخلها تستهويني، وهي الحال نفسها بالنسبة إلى تفضيلي لمشاهدة الشكل الفني للمسلسل بخلاف الفيلم، الرواية تجذبني لما فيها من تعميق».
منيرة سوار ترفض فكرة أن الرواية مشروع مكمل في التوجه للترجمة، إذ تصفهما بالمختلفين تماماً إلا أن ذلك لا يمنع من «وشائج قربى» في اهتمام منيرة بكل ما يخص بالعلاقات الإنسانية داخل المجتمع.
ورغم ما تعرضه «نساء المتعة» من جدل في أشكال العلاقات الزوجية لا تنسى منيرة سوار في شخصيتي «أمل» و«محمد» وهما الاسمان الأكثر رمزية في الرواية من أن تضع تساؤلات لشخصيات بسيطة في الرواية حول مذهب كل منهما فتختتم الرواية بأن «أمل» ليست برافضة لمذهب محمد، ولا يناصبها العداء. بل هو التاريخ الذي زرع قنابله الموقوتة في كل أرض عربية! التاريخ هو الذي ملأ الأمصال بدم الضحايا من الطائفتين، ليحقنها في أوردة القادم من الأجيال! والتاريخ يأبي النسيان والغفران! والتاريخ هو الذي اختلطت أوراقه منذ قرون مضت، في حين لا نزال نحن في إصرار مستميت على قراءته مبعثراً؟
أما الحقيقة..
فهي أن أمل ومحمد قد التقيا.. وتآلفا.. وتفاهما على الأرض الكرستالية التي عكست وجهيهما الحقيقيين من دون أن يطال التاريخ عليهما بوجهه القبيح المشوه ليعكر صفاءها - الأرض الكرستالية - ونقائها الذي فطرها الله عليها.

1 التعليقات:

ملتقى بني جمرة يقول...

بداية اعجبتني الجراه في الطرح القوي فهذا يحسب لكم أختي الكريمة ولكن أحببت ان أتعمق في في الرواية فأين لي أن أحصل عليها

safer911@gmail.com

أنتظر تفاصيل الحصول عليها

إرسال تعليق