27 مايو 2011

الحب الغير مشروط بين الحقيقة والوهم؟

بحسب تعريف موسوعة الويكيبديا لمفهوم الحب الغير مشروط، فهو:
أن تحب الآخر بشكل مطلق بصرف النظر عن مواصفاته وافعاله. وتضرب لنا افضل مثال على ذلك محبة الأم لطفلها.
كما يطلق هذا المفهوم في وصف علاقة حب صادقة تقوم بين رجل وإمرأة، أو وصف لعلاقات الحب التي تتواجد بين أفراد الاسرة الواحدة.
اتساءل بعد التمعن ملياً في هذا التعريف إن كان يوجد شيء اسمه الحب الغير مشروط؟
الحب في حد ذاته شعور غاية في التعقيد، يصعب توصيفه أو صبه في قوالب جامدة، فما بالنا عندما نستل منه مفهوماً - قابل للشك والتحليل- كمفهوم الحب الغير مشروط؟
كل انسان يتمنى ان يحصل على هذا النوع من الحب لكونه -كما يقال- اصدق انواع الحب، ولكن هل تساءلنا يوماً إن كنا قادرين على منح هذا النوع من الحب للآخر؟
في العلاقة الزوجية تؤسس مشاعر الحب على نسبة العطاء المتبادل بين الطرفين، وتقاس نسبة نجاحها من عدمها على مستوى رضا الطرفين عن هذا العطاء.. والعلاقة الودية برئيس العمل مرهونه بمستوى اداء الفرد لمهام وظيفته.. والشعور بالحب نحو افراد االاسرة يتوقف على مدى شعور الفرد بمحبتهم له من خلال قيامهم بالافعال التي تعكس هذا الحب. ولنزن كل علاقتنا الانسانية، الحميمة منها والسطحية بذات الميزان، لنكتشف في النهاية بأن جميع علاقات الحب البشرية على اختلاف انواعها تقوم وفقاً لشروط، وإن الحب الوحيد الغير مشروط بشرط هو «محبة الذات»، هذا هو الحب الوحيد الخالص المجرد من كل قيد وشرط!.
وإختلال ميزان تقدير الحب الغير مشروط لدى الكثير منا يعود لرحم إختلال تقدير « محبة الذات».
ولأضرب مثالاً للتوضيح: في الاستمرار في علاقة زوجية يتعرض فيها احد الطرفين للأساءة والإمتهان النفسي والجسدي. فإن اول مبررات الطرف المتضرر لاستمراره في علاقة تتفاوت فيها نسبة الاخذ والعطاء لهذه الدرجة.. إنه يُحب الطرف الآخر- القائم بفعل الأذى- حباً غير مشروط بصرف النظر عن مواصفاته وافعاله!. في حين إن التفسير الارجح والاكثر منطقية إن الطرف المتضرر يعاني من اختلال في تقديره ومحبته لذاته « الحب الحقيقي الغير مشروط»، وليس -كما يتوهم- حباً في الطرف الآخر المتسبب في الاذى!!.
لسبب بسيط.. إن الفطرة الانسانية السليمة تقوم على نبذ وكراهية كل ما قد يسبب الاذى والاساءة والجرح «لذواتنا» مرآة «الحب الحقيقي الغير مشروط».
وعلاقة الامومة التي ضربت لنا بها الموسوعة مثالاً لتوضيح مفهوم الحب الغير مشروط ليست مستثناه من هذا التحليل الذي يؤكد على إن الحب الوحيد الغير مشروط هو «حب الذات» ولا شيء سواه.
تأملوا معي بدقه وصف إحدي الامهات للحب الغير مشروط الذي تزعمه لولدها:
« أحب ولدي هذا حباً غير مشروطاً، ولو كبر في يوم من الايام ليصبح قاتلاً، لما اكترثت ولما اثر ذلك في حبي له قيد إنمله، على الرغم من قيامه بفعل شنيع كالقتل.. وذلك لسبب واحد إنه مني وقطعه من نفسي!».
إنها في قولها هذا قد استجابت- لا شعورياً- لوضع شرط مسبق لمحبتها لهذا الكائن الصغير وهو « إنه منها وقطعة من نفسها». لو لم يكن الطفل قطعة من نفس امه لما حظي بحبها!. لذا فحتى ذلك الشعور الامومي المتفرد بعطائه وعظمته يعود في جذوره لـ « محبة الذات».
سيدمي قلب الأم ان ترى حبل المشنقة وهو يلتف حول رقبة ولدها القاتل، تماماً مثلما كانت ستخشى على نفسها من ذات المصير فيما لو كانت هي القاتله!.
«حب الذات» هو المحرك والدافع الرئيسي والحيوي لكل افعال الانسان.
1- يقضي الانسان عمراً في البحث عن شريك يشاطره الحب خوفاً على ذاته من الوحدة ولحاجته لوليف يشعر ه بالحب.
2- ننجب الاطفال تحقيقاً للمتعة الشخصية التي نجنيها عندما نزرع على هذه الأرض من هم امتداد لنا «لذواتنا».
3- والحزن الذي يسكننا لفراق أحد احبتنا بالموت، يعود جزء كبير منه لحزننا على حالنا بعد رحيله.. وليس حزناً على حاله لأنه مات!.
4- فعل الخير المجرد الذي نقوم به وندعي بأننا نقوم به « حباً في الذات الالهيه»، في الواقع ليس سوى « حباً في الذات»!. لأننا نفعل الخير طمعاً في رضا الله الذي وعدنا بالجنه، بحسب وعينا الديني. وهذا يدحض فكرة إننا نقوم بالخير لمجرد الخير دون إنتظار مردود لعطائنا.
يطول الاسهاب في موضوع فلسفي شائك كهذا.. ولكن استطيع ان اقول- كما ارى- بأن رحيق الكلام هو إن « حب الذات هو الحب الغير مشروط» على هذه الأرض!.

11 التعليقات:

ahmad يقول...

موضوع قيّم، وقد تعرفت عليه عند إطلاعي على كتاب يخوض في إضطراب الهوية الجنسية
شكراً جزيلاً سيدتي الفاضلة

منيرة سوار يقول...

شاكرة مرورك بمدونتي وتعليقك أستاذ أحمد. تقديري.

Unknown يقول...

السلام عليكم
عارف اني متأخر بالرد ::)
لكن اللي خلاني اكتب الرد هو بحثي عن الحب غير المشروط بعد ان استمعت لخطبة للدكتور عدنان ابراهيم وذكر هذا الموضوع وصراحة الموضوع كان مذهل بصراحة . أشكرك جزيل الشكر واتمنى ترجعي للخطبةاللي تحت
وهذا رابط الخطبة /
http://www.youtube.com/watch?v=QTfRnOsdnyE
وتكلم عن الحب غير المشروط تقريبا بالدقيقة 43
أتمنى لك التوفيق

منيرة سوار يقول...

شاكرة لك مرورك أخي الفاضل amoory

Unknown يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
منيرة سوار يقول...

ولك مني يا أخت رقية كل الود والتقدير.. شكراً لمرورك الرائع بمدونتي.

Unknown يقول...

اعجبتني المقاله كثيرا

غير معرف يقول...

رائع جدا المقال

Unknown يقول...

حتى حب الذات هو حب مشروط حيث يقل ذلك الحب عند الاحساس بعدم الانجاز او الاحساس بعدم العطاء

Unknown يقول...

كل أنواع الحب مشروطة أساسها ان الانسان كان فقير ومحتاج ولو كان هناك شيئ يستحق الحب الغير مشروط فهو الله عز وجل ومع ان الذين يدعون الحب لله وفي الله انهم غير محتاجين إلاُِ لله فلا يخلو هذا الحب من الشروط لحاجة الانسان وفقرِه كونه كائنا قائما بغيره لا بذاته.

Unknown يقول...

نعم أحسنت

إرسال تعليق