27 مايو 2011

وحدي في البيت (اليوم الاول من الغياب)



أنظر لأنعكاس صورتي في المرآه.. أتأمل وجهي جيداً.. أدقق النظر ملياً في تقاطيعي.. أفتش عن نفسي بداخل بؤبؤ عيني..
أرفع أناملي الدقيقة لأمررها برفق فوق وجنتي..حاجبي.. أنفي ثم شفتي.. وكأنني أسأل نفسي: من أنا؟
أتأمل تضاريس جسدي.. أجول بعيني بين طيات تفاصيله وأعجب!. أعجب كيف غفلت عنه؟!.. وكيف اعتبرته خارج نطاق اهتمامي وتفكيري.. برغم إني أسكنه!!
غريبة كانت علاقتي بجسدي.. لم أسأل نفسي يوماً إن كنت احبه وإن كان هو يحبني؟ كيف لم انتبه إلى إن صلتي بجسدي مقطوعه؟!.. ألتقيه في لحظات عابرة.. وأنظر إليه بنظرات فارغة لا تحمل أي معنى.. علاقة جافة.. باردة.. لا تتناسب مع صلة القرابة الوطيدة المفترضة بيننا؟!.
أي تواصل ارتجيه من الآخرين, إن كانت علاقتي بجلدي الملتصق بعظامي مبتورة؟!!.
تركت جسدي متسمراً أمام مرآته.. وذهبت لأجلس عند النافذة..
أسترق السمع جيداً لصوت زقزقة عصفور يعيش بين أغصان تلك الشجرة المزروعة في أرض الدار.. أرهف السمع لتلك النغمة التي يصدرها على ذات الوتيرة.. وذات اللحن.. مرة تلو اخرى دون كلل.. تراه سعيداً ذلك العصفور؟ أتساءل..
أنظر لأصص الزرع الأخضر.. وقد صبغت أشعة الشمس أوراقها الخضراء بصبغة ذهبية..
كم أحب اللون الأخضر.. وكم أحب العيش فيه!. يفتنني!.. ويلبسني ثوباً من السكينة لطالما تمنيته.. ويشعرني بنوع من التوحد مع الطبيعة أو مع طين الأرض.. مع الاشياء وهي لا تزال بفطرتها.. قبل أن تتلون وتتبدل!
أتساءل ما أنا فاعلة بيومي.. وبهذا الهدوء الذي يلفني؟
وفجأة... يتناهى إلى سمعي صخب من الداخل.. صخب يملأني.. صخب يغلي بحمم من نار تحرقني.. وتقطع أحشائي.. صخب يرفع ندائه عالياً.. عالياً ليصل عنان السماء!
فأقول في نفسي.. من اين لي بالهدوء والسكينة, إن لم تكن من الداخل!.
وما نفع الغياب.. إذا أصبح برهاناً صارخاً على الحضور؟!
ثم أتساءل..أيهما يا ترى أكثر إيلاماً وهجراناً..
الأحساس بالغياب لفرط الحضور؟ أم الأحساس بالحضور لفرط الغياب؟

1 التعليقات:

علياء يقول...

جميل جداً..واحساس عميق ..

إرسال تعليق