09 يونيو 2011

أفيون الأغنية العربية

خرجت يوماً من بيتي قاصدة العاصمة.. مشوار طويل هو, بعد أن اصبح الازدحام المروري القاعدة في وطني الصغير البحرين.. بقيت اقلب في اسطواناتي بحثاً عن موسيقى او اغنية تترجمني في تلك اللحظات ما بين بيتي ومقصدي في العاصمة. بدأت بأغنية ماجد المهندس.. والله واحشني موت.. أخاف بعدك اموت.. قلبي لو من حديد.. ذاب وانت بعيد.. لو خسرتك حبيبي.. اشلون احب من جديد؟!..
ثم انتقلت لوائل جسار الذي بدا منهاراً وهو يقول.. بعد اما ارتاحت روحي ليك وعرفت طعم الدنيا بيك.. مشيت خلاص وماقلتليش أنا حأعمل إيه؟
ومن بعده لعبد المجيد عبدالله الذي عجل بقيام الساعة بقوله.. تنتهي الشمس وضياها وترحل القمرة وسناها وينتهي العالم وراها .. أنت تغني عنهم!
أغلب اغنياتنا العربية تدور في نفس الفلك.. فلك الحبيب الخرافي الذي ما عرفت مثله البشرية قاطبة, والذي من بعده تستحيل الحياة.. فتتوقف الاشجار عن النمو.. وتكتئب العصافير فلا تعود لتغريدها.. والانهار تبدل مجراها لتصب في البر بدلاً من البحر.. وتشل كل اوجه الحياة تقريباً بفقده!!!
نميل للغلاء في كل شيء متعلق بعالم المشاعر والاحاسيس.. واسهم كُتاب الاغنية العربية- سامحهم الله- في توصيف «حالة العشق» بين الرجل والمرأة ليضفوا عليها هالة مزيفة بكونها سر السعادة الابدية، وهي الفكرة التي اودت بالشباب الغر الى الجحيم!.
كبرنا على توصيف«حالة العشق» «المؤقته» بأنها «حياة ابدية» وعلى تغذية مشاعر «حب عادية» لتتضخم وتصبح « هوى خارج نطاق الوصف والسيطرة»!!.
حقاً إننا شعوب لم نتميز في شيء بقدر ما تميزنا وبرعنا في فن الكتابة.. فأغلب إنتاجنا مصنوع من خامة الحروف.. نكتب الشعر ونتفوق فيه.. ونكتب الخواطر والقصص ونغزل الحكايات والروايات. نتلاعب بأبجديات اللغة.. ونتراشق- وقت اللزوم- بها ايضاً!. كل تلك الكلمات نستخدمها «افيوناً» نتبادله علناً لنغيب- ونُغيب- عن وعينا. اقول هذا الكلام وانا صاحبة هذه المدونة المقسمة الى قصص وخواطر...الخ، مرسخة بذلك آفة الازدواجية التي نعاني منها في فكرنا العربي.
غضبت من نفسي، واغلقت كُل اسطوانات افيون الحب والعواطف، مقررة الإكتفاء بالأستماع للأغنيات الوطنية من الآن فصاعداً.
فأدرت اسطوانة وطنية لعبدالحليم حافظ.. حيث بدأ يشدو بحماس منقطع النظير:
أحلف بسماها وبترابها.. احلف بدروبها وابوابها.. احلف بالقمح وبالمصنع.. احلف بالمأذنة وبالمدفع.. بأولادي.. بأيامي الجاية.. ما تغيب الشمس العربية طول ما انا عايش فوق الدنيا!!!
أغلقت الاسطوانة وأنا اترحم على عبدالحليم وادعو له هو الآخر بالمغفره لأنه خدر أمة بأكملها بأفيون «الكرامة العربية الوهمية» متحملاً بذلك وزر قسم كاذب!!.

2 التعليقات:

أمال الصالحي يقول...

يعرفون مواطن الضعف فينا، وكيف يعالجون خيباتنا والامنا، نحن شعب تحكمه الكلمة، ويغريه البحث وراء سراب الحروف المتطايرة، إنهم لا يساعدوننا بمثالياتهم وأوهمامهم، بل يجهزون علينا حد الوجع ..

دمت بسلام عزيزتي

منيرة سوار يقول...

صحيح كلامك يا عزيزتي آمال..
كل التقدير لمرورك الكريم..

إرسال تعليق