09 يوليو 2011

أنا والبحر(اليوم الرابع من الغياب)

كان يوماً غائماً إلى حدٍ ما.. لكن الشمس أبت الرحيل بشكل كلي, فأنسلت أشعتها بهدوء لتغزل ثوباً من الدفء المحبب لتكتسي به تفاصيل المكان.  
ما رغبت اليوم في مصافحة أي وجه من الوجوه.. أخذتني سيارتي في رحلة طويلة لنمشط شوارع البحرين وطرقاتها دون هدف.. أتأمل كل تلك البنايات التي تزخر بها العاصمة.. كل تلك السيارات التي تتسابق في الطرقات.. ووجوه البسطاء من البحرينيين.
كم أعشق هذه الأرض!.. وكم أخشى عليها!.. ألقي ببصري على البيوت المتلاصقة وأشعر بأن لي شرياناً يصلني بكل واحد منها.. وبنبض فؤادي وهو يدق عند باب كل بيت من بيوتها!.
يصعب أن أخرج في رحلة كهذه وأعود دون أن أرفع رايتي البيضاء أمام أغواء المياة الزرقاء التي تلف هذه الجزيرة الوديعة.
أستقرت سيارتي أخيراً أمام البحر الأزرق الموصول بزرقة السماء.. فتحت نوافذ السيارة وسقفها.. وأدرت تلك الموسيقى المُغرقة في شرقيتها.. المغموسة كلماتها بكل معاني العشق والولع!.
 بقدر ما تستفزني أحياناً كلماتنا الهائمة في سماء الخيال.. وجدتها اليوم تحفرفي نفسي جداولاً من الوجع لتغرقني فيه!.
 في الحياة لحظات لا تُقدر بثمن.. تلك كانت لحظة قبضت عليها بيدي لأستمتع بها حتى آخر قطرة.. ولأرتوي من وجعها حتى آخر رمق.. قبل ان تتسرب من بين أصابعي..
لحظة, أمتلكت فيها السماء فأصبحت سمائي..
لحظة, أمتلكت فيها الأرض فأضحت ارضي..
لحظة, أمتلكت فيها البحر فكان بحري..
ولحظة, تمازجت فيها انغام موسيقاي الشرقية بصخبي الداخلي ليتمخض لي ذات السؤال مرة أخرى:
تُرى ..أيهما أكثر إيلاماً وهجراناً..
الأحساس بالغياب لفرط الحضور؟ أم الأحساس بالحضور لفرط الغياب؟
قذفت بسؤالي في جوف البحر.. قبل أن أدور محرك سيارتي لأعود إلى البيت..
ألقيت على السؤال نظرة أخيرة قبل الرحيل.. فوجدت أمواج البحر وهي تتلاعب به, بإغراقة تارة.. وبقذفه نحو السطح تارة أخرى.. تماماً مثلما يتلاعب القدر بي!.

ملاحظة: سجلت هذه المشاعرقبل بداية الأزمة التي مرت بها البحرين في 14-فبراير-2011

6 التعليقات:

سوري يأبى الضين والمذلة يقول...

كلمات تعبيرية ومشاعر غاية في الإحساس المرهف والمسؤل حفظ الله البحرين وحفظ دول المسلمين جميعا وآمنكم وآمننا في أوطننا اللهم ارحم الشعوب برحمتك وبخاصة أمة الإسلام اللهم آمين سورية حرة حرة حرة
http://www.voiceoflove.info/?p=308

منيرة سوار يقول...

شكراً لك يا أخي القادم من بلاد الشام..
وأشاركك الدعاء أخي الكريم.. حفظ الله كل ارض عربية من كل سوءوأبعد عنها شبح الطائفية البغيض..
اللهم آمين..

ابراهيم رزق يقول...

حفظ الله لكم البحرين

اما البحر فهو الحياة هو الهدوء و العاصفة هو الامان و الغدر هو الصفاء و النقاء الخارجى
هو الاسرار و الغموض الدلخلى بالاعماق

تحياتى

منيرة سوار يقول...

شاكرة لك مرورك بمدونتي يا أخ إبراهيم..
صدقت.. يحمل البحر كماً من المتناقضات كفيل بفتح كل نوافذ مخيلتنا على عالم واسع زاخر بمعاني متباينة..
تقبل تقديري اخي الكريم..

غير معرف يقول...

مساء الغاردينيا منيرة
وهل أجمل من البحر وتلك الحظات التي نسجل فيها عبق مشاعرنا وثورة الكلمات التي يخرجها صوت الموج لتثور بداخلنا سطور وعبارات ..
توقف كثيراً أماما سؤالك ..
الاحساس بالغياب لفرط الحضور ام الاحساس بالحضور لفرط الغياب ؟
القيتِ به في عرض البحر
ولكن هل سلتقفه الموج أم سيعود ليحتضن صدرك
ويعود السؤال من جديد ؟!
؛؛
؛
لقلمك نهكه خاصة
ومذاق مختلف
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas

منيرة سوار يقول...

بل هو سؤال متجدد يا ريماس..
يأتيني كل يوم بحُلة مختلفة!
لكن جوهره ينبض بذات المعنى:
أيهما اكثر إيلاماً وهجراناً..
الاحساس بالغياب لفرط الحضور ام الاحساس بالحضور لفرط الغياب؟
شكراً لنثرك عبق مرورك هنا ايضا يا ريماس..

إرسال تعليق