28 مايو 2011

تقديمي لرواية "نساء المتعة" في الملتقى الاهلي الثقافي

منيرة سوار/ الملتقى الاهلي الثقافي
كانت الكتابة دوماً بالنسبة لي فلكاً, فلكاً أتيه فيه, بلا جاذبية تجذبني للإستكانة في أحد كواكبه. فلا أنا أحببت كتابة المقال الصحفي يوماً, ولا شدتني كتابة الشعر أوالقصة القصيرة, وبالتأكيد لم يخطر ببالي إنني سأغلق دائرة دوراني اللانهائية بولوج عالم الرواية الجميل, الطويل, المضني والممتع في آن واحد!.
هل تولد القدرة على الكتابة فجأة؟! سألت نفسي. بعد ان وقفت حائرة امام اسئلة الكثير من المقربين, حينما سمعوا بخبر كتابتي لروايتي الأولى.
لا,لا أعتقد بأن القدرة على الكتابة تولد فجأة. ربما كانت نزعة الكتابة موجودة منذ سنوات بعيدة في داخلي, وأنا لا ادري عنها شيئاً.
لم يكن الدافع الذي جعلها تكشف عن نفسها من خلال الكتابة الروائية سوى "نساء المتعة" عنوان الرواية, وعنوان هاجسي.
قد يتبادر إلى الاذهان إن عنوان الرواية يرمز لمتعة الجسد فقط!. إلا إنه ليس كذلك.. فالمرأة في روايتي كانت متعة للنظر.. ومتعة للإمتلاك.. ومتعة للأبتزاز قبل أن تكون متعة للجسد!.
كانت هذه هي الفكرة الرئيسية التي أقتحمتني, ومنها تناسلت أفكار وهواجس كثيرة تتعلق بوضع المرأة ومكانتها الحقيقية في المجتمع.
لقد حاولت من خلال هذه الرواية مقاربة بعضٍ من هموم كثيرة للمرأة.. وتسليط الضوء على معاناتها النفسية, التي تبدو لي في كثير من الاحيان, معاناة مستترة.. غير مرئية للمجتمع, لفرط التجاهل واللامبالاة التي تُقابل بها فعلياً.
فلا كل هذه الندوات.. ولا المحاضرات أو المؤتمرات.. ولا الأقلام أو المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بقادرة على التغيير الجاد في وضع المرأة.. والتخفيف من الضغوطات التي تحيط بها من كل جانب.
فحتى حصولها على بعض حقوقها المسلوبة منذ زمن بعيد, دفعت ثمنه بالتنازل عن حقوق أخرى, وكأنه قُدر لها أن تعيش دائماً وأبداً بنصف حقوق. لانها وكما يُنظر إليها في الواقع, نصف انسان, لا يجدر له التمتع.. سوى بنصف الصفات والحقوق الانسانية.
إننا لا نزال ندور في ذات الدوامة منذ قرون.. ولا يزال تاريخنا متحكماً في حاضرنا.. مصراً على أن يورثنا مستقبلاً لا يختلف كثيراً عن ماضينا.
ومع هذا.. فنحن لا نملك إلا أن نسعى.. ونسعى.. كلٌ بمنهجه.. وبأسلوبه.. فلربما أستطعنا يوماً أن نخلق رؤية جديدة وميزاناً أكثر عدلاً.. ينصف المرأة ويمنحها الفرصة لتفعيل حقوقها التي لا تزال- حتى الآن- حبراُ على ورق!.

كيف كانت تجربتي الأولى في الكتابة؟

في البداية رسمت الخطوط العريضة لاحداث الرواية في مخيلتي, ومن ثم خلقت شخصياتها من العدم, بحسب مفهومي المبكر للرواية آنذاك.
وكتبت الصفحة الأولى. ثم توقفت لأعيد قراءة ما كتبت مرة بعد مرة.
أهكذا تكون بداية كتابة الرواية؟! سألت نفسي.
توالت الصفحات بعد ذلك تِباعاً وأنا غير مصدقه بأنني أكتب رواية؟!
وصلت في كتابتي للصفحة الثلاثين, لأترك كل الصفحات معلقة بمشنقة ترددي.. وقلقي.. وخوفي, معلنة لنفسي بان هذه ليست رواية؟!
عدت لكلماتي ولصفحاتي الثلاثين بعد أسبوعين من الزمان, لاكمل ما بدأت. فكنت كلما أنتهيت من كتابة مشهد بنجاح, شعرت بغبطة لاني قد خرجت من ورطة!. فلا ألبث أن أواجه حقيقة إنه يتعين علي البدء في كتابة المشهد التالي!. ودخولي في ورطتي الجديدة.
كانت تجربة مليئة بكم من المشاعر المتناقضة وبكثير من القلق والتوتر. أما السعادة الحقيقية, فلم اشعر بها إلا بعد أن سطرت السطر الأخير من الرواية.
لقد كتبت هذه الرواية بكل عقلي وبجميع مشاعري ووضعت فيها من عصارة روحي ونفسي.. فلا أتمنى شيئاً إلا أن تلامس كلماتي أرواحكم من الداخل. فإن هي فعلت, أستطيع حينها أن أعلن لنفسي عن خبر نجاحي.
أما, إذا بقيت أسئلتي المطروحة في الرواية معلقة أمام أعينكم بعد أنتهائكم من قراءتها, فإنني بالتأكيد سأعلن- حينها- وبكل فخر عن النسبة المئوية لهذا النجاح.الآن.. وبعد هذه التجربة, أنحني تقديراً وإجلالاً لكل مبدع ألتجأ إلى هذه اللغة.. لغة الكتابة, ليخاطب بها العالم, وليضيف إليه رقياً وجمالاً انسانياً, لم نكن لنستشعره حقاً, إلا من خلال بوح هؤلاء المبدعين بمشاعرهم وأفكارهم وأسئلتهم عبرهذه اللغة الجميلة.
وأخيراً.. كل الحب لكل أفراد أسرتي الذين لقيت منهم منتهى التشجيع والدعم المعنوي لخوض هذه التجربة, التي أعرف عين اليقين إنها العتبة الأولى في سلم عالم الكتابة الروائية, الذي أنوي صعوده عتبة عتبة, علني أصل في يومٍ ما إلى مرتبة, استحق معها الإنتماء إلى كتاب الرواية.
وأتقدم بجزيل الشكر إلى الزميل العزيز غسان الشهابي الذي كان في مقدمة الأشخاص الذين حرصوا على قراءة الرواية وإبداء الرأي فيها, وعلى تقديمه لي في هذه الامسية.
كما اشكر الاستاذ خلف احمد خلف على قراءته للرواية وتشجيعه لي وهي لا تزال مشروعاً لم يتخذ شكله النهائي بعد.
وكذلك الأستاذ محمد عبدالملك على رأيه في الرواية.
وأشكر الزملاء موسى عساف, خالد الرويعي والاستاذ عبدالله سيف لمبادرتهم بالكتابة عن الرواية في الصحف المحلية.
كما اتوجه بالشكر إلى الأخت زينب أحمد وإلى إدارة الملتقى الثقافي الأهلي على إتاحه هذه الفرصة.. وتيسير السبل لي, لاقدم نفسي وروايتي الأولى إليكم أيها الحضور الكريم, شاكرة لكم حضوركم وحُسن استماعكم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق