لفتني بشدة توصيف دقيق لسيكولوجية الوقوع في الحب على أحد المواقع الأجنبية المتخصصه. يزعم مؤلف المقال- وقد اقنعني جداً- بأن الحب ليس سوى نتيجة إفراز الجسم لهرمون معين. هذا الهرمون هو السبب الرئيسي للسعادة الغامرة التي تجتاحنا حينما نحب, وهو المسؤول عن كل المظاهر النفسية والجسدية التي نتعرض لها حينما نقع في الغرام!. وبل والأدهى من ذلك, إن هذا الهرمون له عمر محدد لا يتجاوز بضع سنوات!.
هذا كلام قديم, كثيراً ما أشارت إليه الدراسات النفسية التي بحثت لحل لغز الحب.
أما الجديد, الذي أيقظ في شهوة التفكير والتحليل فهو زعمه بأن في داخل كل منا شيء يسمى " الشخصية اللاواعية".
تتكون هذه " الشخصية اللاواعية" على مر سنوات حياتنا في العقل اللاواعي, نضع فيها - طبقاً لتجاربنا وخبراتنا- كل المواصفات الشكلية والسلوكية والشخصية التي نتمناها في شريك حياتنا. وبمجرد أن نلتقي بشخص تنطبق عليه نسبة من هذه المواصفات- قد تكون النسبة 60%- فإننا نقع في غرامه حتماً.
وهذا ما يفسر وجود الحب أو الإنجذاب من أول نظرة!.
من وجهة نظر الكاتب إن هذا النوع من الحب موجود فعلاً, وكثير من الزيجات بُنيت عليه.
ما لم أكن أعرفه؟!. إن هذه " الشخصية اللاواعية" لا تنطبق على شخص واحد فقط. فهناك على هذا الكوكب عشرات, بل مئات من البشر الذين تنطبق مواصفات " الشخصية اللاواعية" المدونة في عقلنا الباطن عليهم, وبنسبة قد تصل إلى 80 أو 90%!!.
وبناء على هذه النظرية, فالأرتباط بالشخص الغير ملائم تماماً وارد جداً جداً؟!!. لأننا قد يصدف- لسوء الطالع- أن نتزوج بأول شخص نقع في هواه, وبنسبة توافق قد لا تتجاوز 60 أو 70%!. في حين إن هناك آخرين قد يلائموننا بنسبة قد تفوق 90%.!.
يعتقد كثير من الناس إن الحب الحقيقي لا يلتقيه الإنسان سوى مرة في العمر. وهذا هو الخطأ الذي يشير إليه مؤلف هذا المقال. لذا فأغلب البشر يتعلقون بوهم إنهم إذا أضاعوا هذا الحبيب فلن يجدوا له بديلاً أبداً!.
فالإنسان- كما يشير الكاتب- من الممكن ان يقع في الحب أكثر من مرة, وبمنتهى الصدق والإخلاص في كل مرة, لأنه وجد في كل شخص أحبه نسبة من مواصفات "الشخصية اللاواعية" المدونة في عقله الباطن!.
من وجهة نظر الكاتب, إن مشاعر الحب من طرف واحد, أو التعلق بحب قديم والإصرار على إن الحياة توقفت يوم ضاع ذاك الحب, أو الإكتئاب لفشل قصة حب. كل هذا محض هراء!!. لأنه بكل بساطة, سيوجد دائماً من يعوض ذاك الفقد, بنفس الصدق وبذات الحرارة!.
رحيق الكلام, أروع قصص الحب وأنبلها, إبتداء من قيس وليلى, جميل وبثينة, روميو وجوليت. عنتر وعبلة وسواهم ممن أشعل قصص الغرام بنيران حبه الذي ألهم الفنانين والكتاب على مر العصور, والذي ألهب مشاعر الفتيه وأحرق أفئدة الفتيات. جميعها- جميعها- قصص حُب لم تكتمل.. ولم تصل لباب قفص الزوجية!!.
إن الأنسان بفطرته يميل لأن يتعلق دائماً بما لم يستطع الحصول عليه, أو بما لا يستطيع فعلاً الحصول عليه.. لذا طُرزت من تلك القصص-العادية جداً- أساطير تحاكت بها الأجيال, جيلاً تلو آخر.. ليخلدوا عاطفة الحب الحقيقي.. القوي.. المتين.. الذي ما أطفئت السنوات من وهجه شيئاً. في حين إن الأمر لم يتعد سوى تمجيد لهرمون حُب لم تنتهي مدة صلاحيته بعد!!.
أهمية هذا الكلام تكمن في ضرورة تفهم وتقبل إن مشاعر العشق والوله وما يلازمها من إختلاجات.. تنطفئ بعد مضي فترة من الزمن, لتحل محلها مشاعر من نوع آخر, أختصرها في كلمتين وصف فيهما الله تعالى في كتابه الرابط الحقيقي الذي يجمع بين الزوجين "المودة والرحمة".
كثير ما يجد الزوجين نفسيهما في منتصف العمر وقد أصبحا على مفترق طريقين, حينما يضع القدر لهما شخصاً جديداً تنطبق عليه بعض من مواصفات "الشخصية اللاواعية" المدونة في عقله الباطن لنقع في غرامه, ولنختبر معه من جديد مشاعر عايشنها منذ سنوات خلت مع شركائنا, ما عادت موجودة أو ملموسة فعلاً بسبب التعود وطبيعة الحياة الزوجية المغرقة بالنظام والمحاطة بالمسؤوليات!.
هنا يأتي دور العقل- اللجام الحقيقي- الذي يلزمنا أن نكون منصفين ونتذكر بأننا عشنا ذات المشاعر يوماً مع من أخترناه شريكاً لحياتنا. وإننا إذا ما فرطنا بما نمتلكه الآن, جرياً وراء عاطفة جديدة قد تكون حقيقية وصادقة, إلا إنها بالتأكيد مؤقته.. ومصيرها لن يختلف كثيراً عن مصيرالعاطفة السابقة التي تبدلت نحو الشريك لتحل محلها عاطفتي المودة والرحمة "الحب الحقيقي".
24 التعليقات:
مساء الغاردينيا منيرة
رائع هذا المقال ورائع هو الحب حين يكون بمشاعره الخاصة وحين يتحول لرحمة ومودة ولكن صدقيني يبقى الحب حب حتى بعد الزواج حين يتعلم الزوجين إبقاء الحب كما بدأ بينهمادافئاً"
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas
ومن يكون له هذا الرأي سواك أنت يا ريماس!
لأنك ملكة الرومانسية والعشق الأبدي....
يبقى للحب نكهته الخاصة ولونه وتأثيره الكبير على حياة الإنسان...
شاكرة لك مرورك الجميل عزيزتي..
تقبلي ودي..
اختلف مع التوصيف العلمى و اتفق مع طرحك
لو عرف سر الحب او هرمونه لفقد بريقه و سره و لصار دواء بالصيدليات و صار علاجا بالمستشفيات
و لكن لانه الحب الذى لا يعرف سره الا الله سبحانه و هو يعلم ما فى الافئدة و ما فى الصدور
اتفق معكى فى المودة و الرحمة و اعتقد انها اقوى من الحب فنحن نسميها العشرة من العشير
تحياتى لفكرك الجميل
دائما ما اجد هنا الشئ الذي يجعلني افكر وابحث واحلل والكلمات التي تجعلني اتامل بعمق
الحب لا يستطيع احد ان يضع له تفسير او منطق مثلها مثل جميع المشاعر الانسانية ففي راي المتواضع هو مجموعة من الماشعر المجتمعة داخل بوتقه واحدة فالحب وكما قال الله عز وجل مودة ورحمة وايضا فيه الاحترام والثقة والامان والهدوء والسكينة والمشاركة - تحياتي لقلمك وهذا الطرح الرائع
أخي الفاضل إبراهيم..
كل التقدير لك ولرأيك سواء اتفقت معي أم اختلفت..
تبقى المودة والرحمة هي الأساس القوي لضمان الاستمرارية..
ويبقى للحب نكهته وشغفه وجنونه العذب..
تقبل مني كل الود..
سندباد..
يسعدني كثيراً أن تتوقف "هنا" في "بيتي" الصغير وسط هذا العالم الافتراضي الواسع.. وتجد فيه ما يستحق التأمل..
يصعب أن نفك شفرة الحب ببحث.. او دراسة.. او قراءة.. وسنبقى ابد الدهر نحاول جاهدين ان نفك طلاسم هذا اللغز الجميل "الحب"..
كل التقدير لمرورك البهي..
مقال جميل جدا يا عزيزتى
أنا أيضا تطرقت لهذا الموضوع الخاص بهرمونات الحب و مداها الزمنى فى مقال نشر فى العرب القطرية بعنوان "حب أن زواج"
أما الشخصية اللاواعية فهى جديدة على و لكن الكلام مقنع جدا بالنسبة لى و أنا من المقتنعين تماما أن الشخص يمكن أن يحب أكثر من مرة و بصدق و إخلاص فهكذا تقول تجارب البشر و لكن الشخصية اللاواعية تقدم تفسيرا علميا لهذا الأمر
و كما قلت، فالعقل هو اللجام الذى يمنع المشاعر الجديدة من تدمير أسر و بيوت كائنة خاصة أنه فى النهاية سيتجاوز هرمونات الحب الجديد مداها الزمنى ليصبح مثل الحب القديم
مقال رائع يا عزيزتى
تحياتى
اتفق معك تماما عزيزتي شهرزاد..
شاكرة لك مرورك البهي وتعليقك المتميز على المقال..
تقبلي مني كل الود والتقدير..
كلام في الصميم
تحياتي لك
كل سنة و انت و عائلتك طيبين
عيد سعيد عليكى
والله معلومات جديدة اسمعها لاول مرة ..
عموما كل عام وانت بخير ، ينعاد عليك وعلى الأسرة الكريمة بالخير واليمن والبركات .
شكرا لمرورك بمدونتي أخي صفوان...
وأنت بالصحة والسلامة أخي إبراهيم..
شكراً لمبادرتك بالمعايدة..
تحياتي..
وأنت بألف خير عزيزتي وجع البنفسج...
أتمنى أن اراك دائماً...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل سنة وانتم بخير
ومن العايدين من الفايزين
مقبولين ومغفورين الذنب باذن الله
المعذرة على التأخر في التهنئة بالعيد لان النت صار بالبيت ثقيل في التحميل...
تقبلوا طلتي ...
دمتم بخير
كيف أنت يا رقيقة المشاعر..لكتاباتك شوق والله
أقنعك الكاتب وأقنعتنا بدورك، مقالك يجعلنا نعيد التفكير في معطيات عدة كنا نحسبها صوابا، أعجبني تعريف الحب هذا وتحليله المنطقي..
خلاصتك في السطور الأخيرة رؤية واعية وصائبة
لك المودة عزيزتي
حياك الله اخي عبدالله في مدونتي..
وكل عام وانت بألف خير وصحة وسلامة..
كل التقدير لك اخي الفاضل..
آمال..
طال غيابك وافتقدتك فعلا أيتها العزيزة..
لك ولمرورك كل التقدير عزيزتي..
ربما يكون جزء كبير من هذا المقال صحيحا
ولكن هناك زيجات تتم عن غير حب ومع الأيام ينقلب الحال
الى حب يصل لدرجة الجنون
وعكس ذلك هناك زيجات تمت عن حب جارف وبعد ذلك إنقلب الحال
وتبدلت الأمور وتم الإنفصال بينهما..
عموما هذا المقال جدير بالإحترام
مودتى
الجوكر..
اتفق معك تماما..
كل التقدير لمرورك بمدونتي..
سررت بالتعرف على هذه المدونة
تحيتي ومودتي
تشرفت بزيارتك أخي محمد..
تقبل مني كل التقدير..
السلام عليكم أختي المبدعة منيرة سوار،
رائع حقا طرحك هذا و معالجتك الحاذقة للموضوع الذي أقنعني هيكله كثيرا بينما بقي بعض مضموته معلقا بالنسبة لي..
استمتع جدا بتمشيط مدونتك الساحرة
دمت بود .. رقيّة شاوش / الجزائر
لك سيدتي رقية كل الود والتقدير..شكراً لك
إرسال تعليق